إن الجمال تَوصيفا وتَنظيرا کان دائما محط تفکر وتِبيان من قِبل الفلاسفة والمـُفکرين عبر العصور. حيث ارتبط الجمال قديما بالخير والمـُثل العليا والفضيلة والمـُطلق، وحديثا صيغ مُصطلح علم الجمال أو الإستاطيقا کدراسة للمُدرکات الحِسية، والتفکير الإستدلالي والنقدي. وبما أن التفکير هو عملية فسيولوجية تمارسها القشرة المخية من خلال عدة مُعالجات مَعلوماتية فيمکن توصيف التذوق الجمالي بمُتتابعة (خَوارزمية) تمتزج بها المـُعطيات المادية والخيال والمشاعر والمخرون المعرفي لتولد إنطباعات وأحاسيس مُختلفة ومُتباينة. إن الانطباعات الفکرية والشعور الحسي ما هى الا نتاج مَسارات شَبکية عَصبية مُعقدة توازي تلک العلاقات والکَيانات الرَقمية المعُقدة التي تُبنى بالخوارِزمات الحَوسبية التي تتشابک کتَشابک جِهازنا العَصبي ولها ذات القدرة لإنتاج لُغتها وصِياغاتها الإبداعية الخاصة. إن فَهم آلية الإدراک وخصوصاً الجمالي بيولوجياً وسيکولوجياً هو المدَخل العلمي الذي تَتَبناه هذة الورقة البحثية في سعيها لتوطئة نظرية نقدية ترتکز على المعُطيات العلمية المعاصرة. والمقال البحثي هنا يطرح مَفهوم الخَوارزميات الجَمالية کأحد النَظريات الواعدة التي تُفسر الجمال من مَنظور "عصبي ــــ معلوماتي"، وتُترجم الظاهرة الجَمالية من خلال تَقاطُعاتها مع العُلوم الحديثة البَيولوجية والحَوسبية. حيث يَطرح المقال فَرضية بِناء نمَوذج رياضي يحُاکي العُقل المـُتذوق للظواهر الجَمالية، ويتحرى مَدى قابليتها للتَطبيق نــَظرياً. والنَتيجة التي خَلص لها المقال البحثي ان بناء خَوارزميات جمالية قادرة على محاکاة العقل البَشري وهى فرضية استَوفت بناءها التَنظيري، بل وتَعدتها ليظهر عدة محُاولات للتطبيق.